كيف تعرف أن شخصًا ما طيب القلب… قبل أن ينطق بكلمة
كيف تعرف أن شخصًا ما طيب القلب… قبل أن ينطق بكلمة

كلنا مررنا بالموقف ده قبل كده: بتقابل حد لأول مرة، وبصوت داخلي بيبدأ يسأل:
“هو الشخص ده كويس؟ ينفع أثق فيه؟ هو بيبتسم لي ليه؟ ورا الابتسامة دي إيه؟”
في زمن بقى فيه الخير كأنه سلعة بتتسوّق، والأخلاق بيتحكم فيها ترندات وتدوينات، بقى صعب تميّز الشخص الحقيقي من اللي بيلعب دور “اللطيف”.
بس بعد سنين من التجربة، والسفر، والعلاقات، والأخطاء، اتعلمت حاجة مهمة جدًا:
الخير الحقيقي مش صاخب… الخير الحقيقي هادئ، وبيظهر من غير ما يتكلم.
في المقال ده، هحكيلك على علامات بسيطة جدًا، بتوضح لك الشخص الطيب قبل حتى ما يفتح بُقه.
اللي بيسمعك… حتى لما مفيش داعي يسمعك
في فترة دراستي في أمريكا، كنت محاط بناس من ثقافات كتير. وأحيانًا كنت بحس إني مش مندمج قوي.
في مرة، كنا في مشروع جماعي، وكنت بتكلم بصوتي العادي عن نقطة مهمة في التصميم… الكل كمل كلامه، كأني مش موجود.
بس “ماديسون” – طالبة في المجموعة – بصت لي في عيني وقالت:
“استنى، كنت بتقول إيه؟ سوري، عايز أسمعك.”
الكلمة دي لسه بتطبطب عليّا لحد النهارده.
افتكرت وقتها ابن عمي في الهند، اللي عنده توحد واضطراب تركيز. كان ساعات بيقاطع الكلام، لكن دايمًا يرجع يقول:
“استنى، إنت كنت بتقول حاجة مهمة، آسف… كمل.”
الناس الطيبين فعلًا… بيسمعوك حتى لما مفيش مصلحة. حتى لما الكلام ملوش لازمة بالنسبة لهم، بيسمعوك لأنك إنت مهم.
لو بيتعامل بلطف مع اللي “ما يقدرش يفيده”… هو طيب بجد
الناس بتحكم على الطيبة من طريقة تعاملهم معاهم.
لكن المقياس الحقيقي؟ شوف بيتعامل إزاي مع اللي ملوش مصلحة فيهم.
وأنا صغير، كنت بشوف أمي في السوق الشعبي، بتسلم على البياعين، وبتسأل عن أولادهم، وبتفتكر أساميهم.
سألتها ليه بتعمل كده؟ قالتلي:
“علشان هما كمان يستاهلوا الاحترام.”
وفي أمريكا، شفت راجل بيشكر عامل النظافة باسمه، ووش العامل ابتسم بسعادة لما شافه تاني. الراجل ما كانش واخد باله إن فيه حد شايفه. وده كان المعنى كله.
وفي موقف تاني، قابلت أستاذ جامعي مشهور، كان محترم جدًا مع الطلاب، بس بارد ومتعالي مع عمال النظافة. ساعتها عرفت إن الصورة مش كل حاجة.
واحدة كنت خارج معاها فترة، كانت لطيفة جدًا معايا، بس بتعامل الجرسونات وكأنهم غير مرئيين.
سألتها: “ليه بتعاملي الناس دي كده؟”
ردت: “ملهمش لازمة… دول غرباء.”
وانتهت العلاقة.
الناس الطيبة فعلًا… بتعمل الصح حتى لما مفيش جمهور بيتفرج.
نسيبنا من العيون الطيبة… وشوف بيعمل إيه لما محدش شايفه
فيه ناس بتقولك: “بُص في عيونه… واعرف حقيقته.”
لكن الحقيقة؟ أكتر إنسان كان مؤذي في حياتي… كان عنده نظرة بريئة جدًا.
أول حب في حياتي. كانت دايمًا بتسمعني، تضحك على نُكتتي، وتخليني أحس إني مميز.
بس الحقيقة؟ كانت بتستخدم ده كوسيلة للسيطرة، وللتلاعب العاطفي.
وفي نفس الوقت، جارتي “أديتي”، كانت خجولة، عمرها ما بتبص في عين حد، بس في يوم، مشيت 3 كيلومتر في المطر علشان تدي بنت مريضة دوا، من غير ما حد يطلب منها.
اتعلمت إن:
- الابتسامة ممكن تتزيّف.
- النبرة الهادئة ممكن تبقى تمثيل.
- ونظرة العين… مش دايمًا بتعكس اللي جوه.
لكن اللي مايتزيّفش؟
- تصرفك لما تقع حاجة من حد في الشارع… هتساعد ولا لا؟
- واحد اتكعبل قدامك… هتسأل عليه؟ ولا هتكمل مشي؟
- زميلك قاعد ساكت… هتلاحظ وتسأله؟ ولا هتطنشه؟
النية بتبان في المواقف البسيطة.
الناس الطيبة مش بتعلن طيبتها… بتعيشها
عمّي في يوم شتا في دلهي، شاف راجل فقير في الشارع، وقلع جاكيته وادهوله.
الراجل قاله: “بس إنت هتلبس إيه؟”
رد عليه: “أنا راجع بيتي… إنت ساكن هنا.”
ماحكاش القصة دي لحد.
عرفتها بالصدفة من خالتي بعد سنين.
الناس دي ما بيستخدموش الطيبة علشان يبنوا “صورة” ليهم.
بيستخدموها علشان يبنوا “عالم” أحسن.
فاكر مرة في نيويورك، ست شافت صندوق زبالة اتقلب بسبب المطر، وقفت وأصلحته.
مفيش حد كان بيصورها، ومفيش حد شكرها.
ده هو الخير الحقيقي… طبيعي، تلقائي، مش محتاج “فلتر”.
حتى في طريقة تعاملهم مع الحيوانات، الخير بيبان.
صاحبي مرة وقف حفلة كاملة لأن واحد كان بيهزر مع قطة مشردة.
قاله: “ماينفعش تزعّل حاجة أضعف منك.”
افتكرت بابا، الراجل اللي نادرًا بيظهر مشاعره، وهو بيعيط بحرقة بعد موت كلبنا “شِنتو”.
الناس الطيبة… مش بتعمل خير.
الناس الطيبة… الخير جوّاهم.
الخير مش مبهر… لكنه دايمًا حاضر وقت اللزوم
الناس الكويسة مش بتلمع… لكنها بتظهر لما تحتاجها.
بيفتحوا الباب لحد من غير ما يستنوا شكر.
بيرجعوا العربية في المول مكانها.
لو اتقاطعت عليهم الكلمة، بيسكتوا ويسيبوا غيرهم يتكلم.
الناس الطيبة بتركّز على التفاصيل اللي مش باينة:
- بياخدوا بالهم من الشخص اللي قاعد ساكت.
- بيحترموا الناس اللي بتشتغل “ورا الكواليس”.
- ما بيستخدموش قوتهم في الأذى، حتى لما يتستفزوا.
الخلاصة: ابحث عن الخير الحقيقي… مش المظهر
المرة الجاية اللي تقابل فيها شخص جديد؟
ما تصدقش أول انطباع.
ما تحكمش من النبرة أو المظهر أو العينين.
بص على الحاجات الصغيرة:
- بيتعامل إزاي مع الناس اللي مش محتاجهم؟
- بيشوف اللي محدش شايفه؟
- بيلاحظ؟ بيسأل؟ بيهتم من غير مقابل؟
لما تلاقي الشخص ده…
قرب منه.
اتعلم منه.
وكن زيه.
لأن العالم مش محتاج ناس “جميلة” أكتر…
هو محتاج ناس طيبة أكتر.