مقالات عامةمهارات هامة

قوة المشي الطويل: 15 ألف خطوة غيرت حياتي

قوة المشي الطويل: 15 ألف خطوة غيرت حياتي

قوة المشي الطويل: 15 ألف خطوة غيرت حياتي

لم أكن أطيق فكرة المشي. لم يكن مجرد كسل من الخروج للتنزه، بل كنت أكره أن أمشي لأي سبب كان. إن أردت وصفًا أدق: كنت أبحث دائمًا عن الطريقة “الأكثر كفاءة” لتجنب الحركة. كنت أحب الذهاب إلى الجيم والعمل على مشاريعي الصغيرة، لكن خارج ذلك، كنت إما على الأريكة، أو في السرير، أو أمام شاشة ألعب ألعاب الفيديو.

كنت أستغل أي عذر لأقود السيارة أو أتهرب من المشي. وعندما بدأت أستخدم النيكوتين مع انتشار جهاز “جول”، تطورت عادتي السيئة لتشمل منتجات جديدة مثل “زين” – أكياس نيكوتين خالية من التبغ. كانت تمنحني تركيزًا مؤقتًا.

في عام 2019، أدركت أن النيكوتين يسرق مني تركيزي. أصبحت متعبًا دائمًا، قليل الكلام، وإن طال الوقت بين الجرعات، أصبح عقلي مشغولًا فقط بالحصول على واحدة.

التحول: أولى خطوات التغيير

في لحظة عشوائية، قرأت منشورًا على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدث عن فوائد المشي، وكان ضمن حملة عن “اللياقة الصيفية” دون اللجوء إلى تمارين الكارديو الشاقة. وفجأة، قررت التوقف عن النيكوتين فجأة، وبدلًا من أي جرعة، أخرج في نزهة قصيرة لمدة 10 دقائق.

في البداية، كانت النزهات مملة. لكن النتيجة كانت مذهلة: توقفت عن النيكوتين بسهولة. وربطت المشي بحرق الدهون، فصرت أتحمس له. وخلال شهر واحد، أصبحت أمشي 10 آلاف خطوة يوميًا. واليوم، بعد خمس سنوات، لم يمر يوم مشيت فيه أقل من 10 آلاف خطوة.

حياتي تغيرت. أفكاري، عملي، حتى جسدي. أصبحت “ملك المشي” حسب وصف البعض، وظهرت في بودكاست بعنوان “دان كوي – ملك المشي”.

لماذا أشاركك هذه القصة؟

لأني أؤمن أن بإمكان عادة بسيطة مثل المشي أن تُحدث تحولًا جذريًا في حياتك.

المشي: عادة شاملة للعقل والجسد والروح والعمل

لدينا وقت محدود في اليوم. وبالتالي، العادات التي نختارها تصنع مستقبلنا. ومعظم الناس لا يختارون عاداتهم بوعي، بل يتم برمجتهم عليها. نتيجة لذلك، يصعب عليهم تغيير أنفسهم لاحقًا.

لكن المشي عادة واحدة يمكنها أن توازن بين كل شيء:

  • العقل: يقلل من التشتت، ويستعيد التركيز.
  • الجسد: يحسن الصحة العامة، ويساعد في حرق الدهون.
  • الروح: يمنح صفاء ذهني وتأمل طبيعي.
  • العمل: يحفز الإبداع ويوسّع أفق التفكير.

المشي كنوع من التأمل

كنت أظن أن التأمل مجرد فكرة غريبة يمارسها المتصوفون أو الباحثون عن “الطاقة الداخلية”. لكن الحقيقة أن التأمل هو ببساطة تحرر من الأفكار و انفصال عن التوقعات.

ومع أني فشلت دائمًا في التأمل جالسًا، وجدت أن المشي هو التأمل العملي الذي يناسبني. في نزهاتي، أراقب أفكاري، أتركها تمر، وأعيش اللحظة.

المشي والصحة الجسدية

البديهيات مهمة. المشي = حرق سعرات. سواء مشيت أو ركضت نفس المسافة، ستحرق تقريبًا نفس الكمية.

الفرق؟ أثناء الجري، لا يمكنني التفكير، أو الكتابة، أو حتى الاستماع بتركيز. بينما المشي يتيح كل ذلك، دون أن يضغط على جسدي.

كما أن التعرض لأشعة الشمس خلال المشي له فوائد لا تُعد: تعزيز النوم، تقوية المناعة، تقليل الاكتئاب. ومع نظام غذائي متوازن، لم أعد أعاني من حروق الشمس، رغم أنني كنت من الأشخاص شديدي الحساسية لها في صغري.

المشي والإبداع

أعزو نجاحي في الكتابة بالكامل إلى المشي. خلال نزهاتي، أمارس الآتي:

  • أستمع إلى كتب صوتية ومحاضرات عميقة.
  • أقرأ كتبًا ورقية وأنا أمشي (نعم، فعليًا).
  • أسجل أفكارًا جديدة للمحتوى.
  • أمشي بصمت لحل مشكلة أو لتفريغ ذهني.

المشي بالنسبة لي هو “وقت الإبداع”، كما أن لدينا “وقت الإنتاجية”. وبدون أوقات الإبداع، لن تكون هناك أفكار تستحق العمل عليها.

كيف تحول المشي إلى عادة ممتعة؟

1) حدّد سببك بوضوح

كل شيء يبدأ برؤية. هل تريد:

  • التخلص من عادة سيئة؟
  • التحرر من التشتت؟
  • إعادة الاتصال بجسدك وعقلك؟

اكتب ما لا يعجبك في حياتك الآن، ثم اكتب ما تريد تغييره خلال سنة. واسأل نفسك: هل يمكن للمشي 10 آلاف خطوة يوميًا أن يساعد؟

2) حدد هدفًا يوميًا وقسمه

ابدأ بهدف بسيط: 2000 خطوة يوميًا. ثم زدها تدريجيًا حتى تصل إلى 10 آلاف. قسمها على مدار اليوم: صباحًا – بعد الظهر – مساءً. اختر وجهة معينة لكل نزهة. ضع قواعد: “سأمشي حتى أنهي فصلًا من كتاب” أو “حتى أكتب ثلاث أفكار جديدة”.

3) ضع قواعد للرحلة

لتمنع عقلك من التذمر، امنحه نظامًا:

  • لا تخطُ على الشقوق في الرصيف.
  • اقرأ 10 صفحات، أو استمع لـ 15 دقيقة من بودكاست.
  • تعرض للشمس لمدة 15 دقيقة على كل جانب من جسمك.

كلما زادت البساطة والمرح في التحديات، زادت احتمالية الالتزام بها.

4) ابدأ المشي – واصنع “محفّزًا”

المشكلة ليست في المشي، بل في القرار بالبدء. اجعل لكل نزهة محفزًا. مثلاً: عندما تشعر بالملل، اخرج. عندما تنهض من السرير، امشِ. إن لم تستطع البدء، قل لنفسك: “هل أستطيع فقط ارتداء الحذاء؟” ثم خطوة بخطوة.

الختام: عادة واحدة… تغيّر كل شيء

قد تبدو 15 ألف خطوة يوميًا كثيرة. لكنها لم تكن هدفي الأول. بدأت بأقل من ذلك. ومع الوقت، أصبحت عادة ممتعة، بل ضرورية.

المشي ليس مجرد تمرين. إنه أسلوب حياة. وسيلة لاستعادة تركيزك، وتجديد طاقتك، وربما – كما حدث معي – تغيير مسار حياتك بالكامل.

ابدأ من الآن. لا تتردد. 1000 خطوة، 10 دقائق، فكرة واحدة… كفيلة بأن تكون نقطة البداية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى