غيّر نظرتك للوقت: الدرس الرائع من كتاب "اليوم هو يومك"
غيّر نظرتك للوقت: الدرس الرائع من كتاب "اليوم هو يومك"

غيّر نظرتك للوقت: الدرس الرائع من كتاب “اليوم هو يومك”
منذ أيام، بدأت قراءة كتاب يحمل عنوانًا بسيطًا لكن قويًا: “اليوم هو يومك”، لم أُنهِه بعد، ولكن وجدت فيه نصيحة عملية مذهلة غيرت تمامًا طريقتي في رؤية الوقت. واليوم، أود أن أشاركك هذه الحكمة.
سبع دقائق وتسع جمل
يحكي الكاتب “ماثيو ديكس” في أحد فصول الكتاب عن موقف بسيط لكنه مؤثر. كان يجلس في مطعم ماكدونالدز مع امرأة يتحدثان عن الكتب، الوكلاء الأدبيين، عقود النشر، والمبيعات الدولية. وفي خضم الحديث، سألها: “كيف يسير العمل على كتابك؟”، فأجابت بأنها بالكاد بدأت. ثم سألته عن طريقة كتابته.
رد عليها قائلاً: “لقد تأخرتِ سبع دقائق اليوم.” وعندما بدأت بالاعتذار، قال لها: “لا، لا، هذا ليس المقصود. قصدي هو أنني خلال هذه الدقائق السبع، كتبت تسع جمل جيدة.”
ثم أضاف: “متوسط عدد جُمل الرواية يتراوح بين 5,000 و10,000 جملة. وكل جملة أكتبها تقربني خطوة من هدفي. واليوم، اقتربت تسع جُمل إضافية.”
قوة الدقائق الصغيرة
نحن غالبًا نعتقد أن تحقيق الأهداف الكبيرة يتطلب ساعات وساعات من التركيز والانضباط. سواء كنا نكتب كتابًا أو نرسم لوحة ضخمة أو نبني مشروعًا جديدًا، نتخيل أننا بحاجة إلى وقت طويل لنحرز تقدمًا حقيقيًا.
أنا شخصيًا كنت أفكر بهذه الطريقة. دائمًا أبدأ العمل في أوقات منتظمة: 1:00، 1:30، 2:00… لم أكن أبدأ في وقت مثل 1:17 أو 2:49، لأن الأرقام غير منتظمة وتبدو “غير مناسبة”. ولهذا السبب، أهدرت عشرات الدقائق انتظارًا لرقمٍ جميل على الساعة.
لكن الحقيقة التي تعلمتها من هذه القصة أن الدقيقة الواحدة لها وزنها. دقيقة تقرأ فيها فقرة مفيدة من كتاب، هي دقيقة تقترب بها من فهم أعمق ومعرفة أكثر. ودقيقة تُهدرها في لعبة بلا هدف، هي ببساطة دقيقة ضاعت لن تعود، ولن تضيف أي قيمة.
من دقائق بسيطة إلى إنجازات كبيرة
فلنأخذ مثالًا بسيطًا. إذا شاهدت التلفاز 3 ساعات كل يوم، بنهاية الشهر ستكون قد قضيت 90 ساعة أمام الشاشة. أي ما يعادل أربعة أيام كاملة! وبنهاية السنة، سيكون المجموع 1,095 ساعة، أي ما يقارب 45 يومًا.
في المقابل، إن قرأت لمدة 15 إلى 30 دقيقة يوميًا فقط، ستتمكن من قراءة ما لا يقل عن 15 كتابًا في السنة!
هذا هو التأثير الحقيقي للدقائق الصغيرة. لا تحتاج إلى تخصيص ساعات يوميًا. فقط بضع دقائق ثابتة تُحدث فرقًا هائلًا على المدى الطويل.
الدقائق تصنع الفارق
الرياضيات هنا بسيطة. خمس دقائق مضروبة في عشرة تساوي خمسين دقيقة. أضف لذلك الاستمرارية، وستجد نفسك أمام إنجازات حقيقية.
الوقت ثمين. ونحن نُدرك ذلك، لكن غالبًا ما نستهين بالقليل منه. نهدر خمس دقائق هنا، وعشر دقائق هناك، دون أن نشعر أننا نخسر شيئًا مهمًا.
لكن الحقيقة أن هذه الدقائق تشكل هوّيتنا. تصنع عاداتنا. توجه مصيرنا.
اختياراتنا اليومية تحدد من نصبح
الدقيقة التي تقضيها في تعلم مهارة، أو قراءة فكرة، أو كتابة جملة، هي استثمار في مستقبلك. أما الدقيقة التي تقضيها في التشتت واللهو والكسل، فهي استثمار سلبي يؤدي بك إلى التراجع.
الفرق بين شخص ناجح وآخر عادي ليس عدد الساعات، بل كيفية استثمار الدقائق الصغيرة. الناجحون لا يهدرون لحظاتهم، بل يبنون بها سلّمًا نحو أهدافهم.
لا تنتظر التوقيت المثالي
من الأخطاء الشائعة أن ننتظر لحظة مثالية للبدء: بداية الأسبوع، أول الشهر، أو حين تشير الساعة إلى رقم محدد. لكن التوقيت المثالي ليس على الساعة، بل في قرارك.
ابدأ الآن. في الدقيقة التي تقرأ فيها هذا المقال. لا تنتظر 3:00 بالضبط. ولا تقل “غدًا”. ابدأ بخمس دقائق — الآن.
خطة صغيرة لتغيير كبير
- ضع قائمة بأهدافك اليومية الصغيرة.
- خصص 10 دقائق فقط يوميًا لكل هدف.
- راقب مدى تطورك بعد أسبوع. ستُدهش من النتائج.
إذا قرأت 10 دقائق يوميًا، ستنهي كتابًا في أسبوعين.
إذا مارست الرياضة 10 دقائق يوميًا، ستبدأ بالشعور بالتغيير في جسدك خلال أسابيع.
إذا خصصت 10 دقائق لتعلم لغة جديدة، ستتمكن من إجراء محادثة بسيطة بعد أشهر.
الخلاصة: الدقيقة هي حجر الأساس
كل دقيقة صغيرة هي طوبة في بناء كبير اسمه “حياتك”. كيف ستستخدمها؟ في التسلية؟ أم في التقدم؟
كما قال الكاتب “ماثيو ديكس”: “كل جملة أكتبها تقربني خطوة من هدفي.”، فإن كل دقيقة نقضيها فيما ينفع، تقرّبنا من الشخص الذي نريد أن نكونه.
الدقائق الصغيرة ليست صغيرة كما نظن. إنها تحمل بين طياتها إمكانيات لا تُحصى.
ابدأ الآن. لا تؤجل. لا تستهِن. ولا تنتظر اللحظة المثالية، لأن “اليوم هو يومك”.